الاثنين، 16 نوفمبر 2015

الغيرة من فرنسا !

جميعنا لاحظ حجم التعاطف العالمي مع فرنسا في الأحداث الأخيرة مقارنة بالعرب !

في تصوري إن التعاطف الكبير مع الفرنسيين والتهافت على رفع العلم الفرنسي آتٍ من كون فرنسا جزءاً من العالم المتقدم الذي يساهم في تنمية الحضارة البشرية المعاصرة ..

التعاطف مع العرب أقل -رغم الإدانات- لأنهم يمارسون حالة غرور غير مبرر على الآخر ويتوهمون تفوقهم عليه إلى حد التجبر والتكبر !
وإلى حد الدعاء على المنابر بشكل شبه يومي ضد اليهود والنصارى وكل مختلف معهم بالهلاك ، والتضرع بالتمكن منهم والنصرة عليهم .. إلخ
وإلى حد معايرتهم بالشوكة التي في عيونهم رغم اعترافهم بها وسعيهم لنزعها ، في حين ننكر الجذع الذي يفقع عيوننا ونرفض تنبيهنا إليه أو معالجة آثاره التي وزعتنا بين العور والعمى !

الواقع العربي جزء من العوائق العالمية للتقدم البشري ، حيث يعيشون حالة من التطرف و العنف والاقتتال فيما بينهم ، ولم يكتفوا بذلك بل عملوا على تصديره للخارج !

حين تحصل عملية إرهابية في العالم العربي ، فإنها بفعل عربي بين العرب ، وأحيانا سعودي بين السعوديين كالقديح والعنود وعسير والدالوة وسيهات ..

لكن ما حدث في فرنسا وليد فكر عربي ديني بالٍ ، يرهب عالمهم البعيد عنا ويهاجم الأبرياء هناك !!

نعم قد يقال لكن العالم المتحضر يستغلنا ويحيك المؤامرات ضدنا ويدعم داعش و .. إلخ
وقد يكون ؛ والاستغلال بجميع الأحوال مرفوض ولا يحق لهم ذلك ، وكذلك لا يبرر الإرهاب ضدهم !

كما إن ذلك الاستغلال هو مسؤوليتنا نحن وليس مسؤوليتهم !
نحن المسؤولون عن تحصين أنفسنا وشبابنا من الفكر المتطرف والبالي الذي تجند من خلاله داعش وغيرها كالقاعدة أو ما شابه !
نحن بثغراتنا وحماقاتنا وعدم تعلمنا من تجاربنا وعدم اعترافنا بكوارثنا يتم استغلالنا ، ونعيش الدور الواهم بالتفوق من جهة والضحية المغلوب على أمرها من جهة أخرى ؛ حسب الحالة وحسب الموقف وحسب المزاج !!

نحن من يجب علينا الإحساس بالمسؤولية تجاه عقولنا ومراجعة ثقافتنا وموروثنا ومقدساتنا حتى نتجاوز كل ذلك الجهل والتخلف والبؤس ، حينها سنتحول إلى شعب قوي حر يمكنه محاسبة كل من يحاول استغلاله ..

لذلك لا عجب من تعاطف العالم مع الفرنسيين كونهم شعبا محترما أكثر من العرب وأقل إيذاء منهم بالنسبة لبقية العالم ،  شعب اشتغل على نفسه  وسعى لتطويرها وتجاوز تاريخه المتخلف ، أكثر من الشعب العربي الذي لا زال يحلم بالفتوحات والغزوات والسعي لإقناع المجتمعات الأخرى بتعاليم مجتمع بائدة تراكمت عبر أكثر من ألف عام بزعم إنها إلهية !!

فإذا كان لابد من غيرة ؛ فلتكن غيرة إيجابية من تحضرهم تدفعنا نحو التقدم والازدهار ، عوضا عن هذه الغيرة السلبية والمطالبات الساذجة بتعاطف العالم معنا بقدر تعاطفه مع فرنسا !