الأحد، 3 مايو 2015

أصل الأنواع بين العلم والأدلجة



"أرى في المستقبل البعيد مجالات مفتوحة لأبحاث أكثر أهمية"
* تشارلز داروين

تلك كانت رؤية داروين صاحب كتاب أصل الأنواع الشهير ، الذي لا زال يثير جدلا بين الأوساط الأيديولوجية الدينية تحديدا ، في الوقت الذي اعتمد عليه الوسط العلمي ليجعل منه انطلاقة حقيقية لاكتشافات أكثر أهمية وتثبتا وسدا لثغرات نظرية داروين كما توقع داروين نفسه ، ولا يزال القادم أوسع ..

الجدير بالذكر إن مسألة الأصل البشري وأصول الحياة هي من المسائل التي شغلت بال الإنسان منذ سنوات عديدة ، وهناك كثير من المحاولات في تفسير ذلك الأصل وتعليله وكيفية وجوده ونشأته ، أما أهم ما طرح حول ذلك فقد اختصره ديڤيد باس في كتابه "علم النفس التطوري" في ثلاث نظريات بارزة :

١- نظرية الخلق :
وهي نظرية تقوم على فكرة إن هناك إرادة سامية (إلهية) خلقت كل شيء بلا استثناء ، وهي نظرية تشترك بفكرتها غالبية الأديان وأشهرها مع اختلاف متفاوت ببعض التفاصيل ، لكنها نظرية خاضعة للتصديق الشخصي أو الاعتقاد الديني وليس لها أي دور في المجال العلمي ، فهي لا يمكن اختبارها أو استنتاج توقعات تجريبية نوعية حول ادعاءاتها الكبرى ، كما إنها لم ترشد الباحثين إلى أي اكتشافات علمية جديدة ، بالإضافة لعجزها عن برهنة جدواها كنظرية تنبؤية أو تفسيرية علمية للآليات العضوية المكتشفة ..
لذلك هي نظرية غير علمية حسب مقاييس العلم ، فلا يمكن تفنيدها أو البرهنة على خطئها ، كما لا يمكن البرهنة على جدواها ..

٢- نظرية البذار :
ويذهب أتباع هذه النظرية إلى القول إن الحياة لم تبدأ على الأرض ، بل كانت هناك بذور للحياة خارج الأرض ووصلت إليها إما من خلال أحد النيازك ، أو من خلال كائنات فضائية مجهولة لكنها ذكية جدا بحيث زرعت البذور في الأرض وعادت لمجرتها أو كوكبها ..
وهي نظرية ضعيفة علميا خالية من أي دليل على الأرض ، وإن كانت قابلة للاختبار من حيث المبدأ ، إلا إنها لم تؤدِ إلى اكتشافات علمية جديدة ولم تفسر لغزا علميا قائما ، ولم تجب - على فرض صحتها - ما هي أسباب وجود أو أصول تلك الكائنات أو البذور !؟

٣- نظرية التطور بالانتقاء الطبيعي :
أو ما تعرف بنظرية داروين ، وهي وإن كانت لا يزال اسمها نظرية ، إلا أن مبادئها الأساسية تم إثباتها مرارا وتكرارا ، وإلى اليوم لم يتمكن أحدهم من إثبات بطلانها ، ولذلك يتم اعتبارها بيولوجياً بمثابة واقعة فعلية ..
كما أنها تحقق أبرز الفضائل التي يبحث عنها العلماء في النظرية العلمية العميقة ، حيث إنها تنظم الوقائع المعروفة ، وتؤدي إلى تنبؤات جديدة ، وتوفر دليلا مرشدا لمجالات مهمة من الاستقصاء العلمي ..

وكون العلم يسمح دائما بالشك فاتحا الباب لإمكانية قدوم أي نظرية أخرى أفضل منها بالمستقبل ، إلا إنه لا يعني أن هناك مقارنة فعلية أو علمية بين النظريات الثلاث : الخلق والبذار والتطور بالانتقاء الطبيعي ، فالأخيرة هي النظرية العلمية الوحيدة التي يمكنها تفسير التنوع المذهل للحياة ، مع امتلاكها القدرة على تعليل أصول وبنى الطبيعة البشرية بشكل علمي يمكن إثباته والاعتماد عليه ..

ففي الوقت الذي تعتبر فيه نظرية التطور بالانتقاء الطبيعي حجر أساس في علم الأحياء الحديث ، نجد المؤدلجين لا زالوا يرددون : «يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما» 
مساوين بين اعتقاداتهم وإدعاءاتهم وبين العلم ، معتبرين أن العلم لم يقر بحقيقة التطور بعد ، متجاهلين أن العلم لا يطرح القناعات بشكل دوغمائي وجامد ونهائي ، ومع ذلك لا يترددون ولا يستحون من محاسبة من ينكر إدعاءاتهم لافتقارها إلى برهان ، في الآن الذي يعتبرون فيه التصديق بالعلم التطوري كفراً وتجاوزاً حسب فهمهم الإقصائي ..

هناك تعليقان (2):

  1. أحسنت ولكن ولج في ذهني سؤال متواضع ارجو التقبل
    ماهو تعريف العلم بنظر هذه المقالة👆

    ردحذف
  2. اقرأ المقالة وستجد الجواب

    ردحذف