لأكون واضحًا مع كل من يبرر دعم الجماعات المسلحة لا سيما الإسلامية في سوريا بذريعة أنها ثوار وطالبي حرية وحقوق ضد النظام أو الوجود الإيراني،
الإنسان السوري البريء، الذي عانى من قمع وانتهاكات الدولة وعنف الجماعات المسلحة على حد سواء، أصبح ضحية لصراع لا علاقة له بأهدافه ولا بمعاناته!
كل الأطراف المتصارعة تدّعي الحديث باسمه، لكنها في الحقيقة تستخدم آلامه لتمرير أجنداتها، بينما يدفع هو وحده ثمن هذه الفوضى التي تجاوزت كل الحدود..
ما يسمى بـ "عمليات ردع العدوان" التي تقودها جماعات إسلامية مسلحة كـ هيئة أحرار الشام ليست سوى مثال آخر على كيف تتحول شعارات الحرية والمقاومة والدفاع عن المدنيين إلى مبررات لمزيد من العنف والقتل والدمار!
هذه العمليات، التي تُسوَّق على أنها لحماية الأبرياء، لا تحقق إلا عكس ذلك تمامًا..
مزيدًا من النزوح والتشريد وسقوط الضحايا بين المدنيين الذين لا يملكون أي خيار سوى أن يكونوا وقودًا لهذا الصراع المستمر!
دعمكم لجماعات دينية مسلحة، والتي ليس جميع عناصرها من السوريين، تمارس القتل والقمع والإقصاء، فقط لأنها تقف ضد النظام، يكشف تناقضكم الأخلاقي الصارخ!
فالمشكلة بالنسبة لكم ليست في الجرائم التي ارتكبها النظام أو بالوجود الأجنبي، بل في كونه نظامًا مع أجنبي لا يتماشى مع أيديولوجياتكم..
لهذا السبب، أنتم على استعداد لتبرير فظائع مجرمين آخرين، سواء سوريين أو أجانب، بنفس البشاعة، طالما أنهم يعارضون الدولة السورية!
هذه الجماعات لا تمثل أي قيمة إنسانية أو حقوقية ولا تسعى لأي حريات مدنية، بل تُعيد إنتاج دائرة الإجرام والقمع بلباس ديني إسلامي وأيديولوجي..
المشكلة ليست فقط في التسلح، بل في أن هذه الفصائل تتبنى أيديولوجيات دينية إسلامية، تقصي الآخر وتفرض عقيدتها بالقوة!
رفضي للعنف ليس رفضًا للدمار المادي فقط، بل رفضًا للأيديولوجيات التي تشرعن القتل والقمع باسم الدين، مهما كانت الشعارات التي ترفعها أو الأعداء الذين تزعم أنها تحاربهم..
السوري البريء كيف يرى حقوقه في هذا الصراع الذي لا ينتج عنه سوى دوامة مستمرة من العنف، يدفع ثمنها حياته وكرامته ومستقبله!
هذا الإنسان لا يريد قنابل النظام ولا صواريخ الفصائل المسلحة؛ لا يريد استبدادًا باسم الدولة ولا قمعًا باسم الدين!
إدانة العنف والجماعات المسلحة، سواء جاءت من النظام أو المعارضة، ليست موقفًا رماديًا أو متخاذلًا، بل موقف إنساني وأخلاقي حازم يرفض استبدال قمع بقمع آخر، وجرائم بجرائم جديدة!
كل من يحاول الهروب من مواجهة جرائم هذه الجماعات عبر اتهام الآخرين بالطائفية أو دعم انتهاكات الدولة السورية، إنما يكشف طائفيته الخاصة بتبرير جرائم فصائل دينية لمجرد أنها تتماشى مع عقائده أو أيديولوجياته..
إذا كان هدفكم حقًا العدالة للسوريين، فالعدالة لا تتحقق بالدماء التي تسفكها جميع الأطراف، ولا بالتسلح الذي يعمّق معاناة الأبرياء!
بل في السلام هو الذي يُنهي هذا العنف بجميع أشكاله، ويبدأ بالعمل على الإنسان السوري أولًا ضمن دولة قوية تحفظ حقوق الإنسان، بعيدًا عن صراعاتكم ومصالحكم التي لا تعني له شيئًا سوى المزيد من الموت والدمار!
المطلوب ليس انتصار هذا الطرف أو ذاك، بل إنهاء التدخلات الأجنبية من أي طرف كان، وإنهاء العنف، والسعي لتحقيق سلام يحمي جميع السوريين دون استثناء، وينهي معاناتهم الممتدة بين استبداد الدولة وعنف الجماعات المسلحة التي أفقدته الحياة الكريمة..
العدالة لا تُبنى بالعنف والسلاح، والسلام لا يتحقق بالفوضى والإقصاء!
كرامة وحقوق الإنسان السوري هي الأولوية، وهي الوحيدة التي يجب أن نقيم من خلالها الحلول والمواقف والتحركات!