الجمعة، 29 نوفمبر 2024

السوري البريء بين استبداد الدولة وعنف الجماعات المسلحة!

 



لأكون واضحًا مع كل من يبرر دعم الجماعات المسلحة لا سيما الإسلامية في سوريا بذريعة أنها ثوار وطالبي حرية وحقوق ضد النظام أو الوجود الإيراني،


‏الإنسان السوري البريء، الذي عانى من قمع وانتهاكات الدولة وعنف الجماعات المسلحة على حد سواء، أصبح ضحية لصراع لا علاقة له بأهدافه ولا بمعاناته!


‏كل الأطراف المتصارعة تدّعي الحديث باسمه، لكنها في الحقيقة تستخدم آلامه لتمرير أجنداتها، بينما يدفع هو وحده ثمن هذه الفوضى التي تجاوزت كل الحدود..


‏ما يسمى بـ "عمليات ردع العدوان" التي تقودها جماعات إسلامية مسلحة كـ هيئة أحرار الشام ليست سوى مثال آخر على كيف تتحول شعارات الحرية والمقاومة والدفاع عن المدنيين إلى مبررات لمزيد من العنف والقتل والدمار!


‏هذه العمليات، التي تُسوَّق على أنها لحماية الأبرياء، لا تحقق إلا عكس ذلك تمامًا..


‏مزيدًا من النزوح والتشريد وسقوط الضحايا بين المدنيين الذين لا يملكون أي خيار سوى أن يكونوا وقودًا لهذا الصراع المستمر!


‏دعمكم لجماعات دينية مسلحة، والتي ليس جميع عناصرها من السوريين، تمارس القتل والقمع والإقصاء، فقط لأنها تقف ضد النظام، يكشف تناقضكم الأخلاقي الصارخ!


‏فالمشكلة بالنسبة لكم ليست في الجرائم التي ارتكبها النظام أو بالوجود الأجنبي، بل في كونه نظامًا مع أجنبي لا يتماشى مع أيديولوجياتكم..


‏لهذا السبب، أنتم على استعداد لتبرير فظائع مجرمين آخرين، سواء سوريين أو أجانب، بنفس البشاعة، طالما أنهم يعارضون الدولة السورية!


‏هذه الجماعات لا تمثل أي قيمة إنسانية أو حقوقية ولا تسعى لأي حريات مدنية، بل تُعيد إنتاج دائرة الإجرام والقمع بلباس ديني إسلامي وأيديولوجي..


‏المشكلة ليست فقط في التسلح، بل في أن هذه الفصائل تتبنى أيديولوجيات دينية إسلامية، تقصي الآخر وتفرض عقيدتها بالقوة!


‏رفضي للعنف ليس رفضًا للدمار المادي فقط، بل رفضًا للأيديولوجيات التي تشرعن القتل والقمع باسم الدين، مهما كانت الشعارات التي ترفعها أو الأعداء الذين تزعم أنها تحاربهم..


‏السوري البريء كيف يرى حقوقه في هذا الصراع الذي لا ينتج عنه سوى دوامة مستمرة من العنف، يدفع ثمنها حياته وكرامته ومستقبله!


‏هذا الإنسان لا يريد قنابل النظام ولا صواريخ الفصائل المسلحة؛ لا يريد استبدادًا باسم الدولة ولا قمعًا باسم الدين!


‏إدانة العنف والجماعات المسلحة، سواء جاءت من النظام أو المعارضة، ليست موقفًا رماديًا أو متخاذلًا، بل موقف إنساني وأخلاقي حازم يرفض استبدال قمع بقمع آخر، وجرائم بجرائم جديدة!


‏كل من يحاول الهروب من مواجهة جرائم هذه الجماعات عبر اتهام الآخرين بالطائفية أو دعم انتهاكات الدولة السورية، إنما يكشف طائفيته الخاصة بتبرير جرائم فصائل دينية لمجرد أنها تتماشى مع عقائده أو أيديولوجياته..


‏إذا كان هدفكم حقًا العدالة للسوريين، فالعدالة لا تتحقق بالدماء التي تسفكها جميع الأطراف، ولا بالتسلح الذي يعمّق معاناة الأبرياء!


‏بل في السلام هو الذي يُنهي هذا العنف بجميع أشكاله، ويبدأ بالعمل على الإنسان السوري أولًا ضمن دولة قوية تحفظ حقوق الإنسان، بعيدًا عن صراعاتكم ومصالحكم التي لا تعني له شيئًا سوى المزيد من الموت والدمار!


‏المطلوب ليس انتصار هذا الطرف أو ذاك، بل إنهاء التدخلات الأجنبية من أي طرف كان، وإنهاء العنف، والسعي لتحقيق سلام يحمي جميع السوريين دون استثناء، وينهي معاناتهم الممتدة بين استبداد الدولة وعنف الجماعات المسلحة التي أفقدته الحياة الكريمة..


‏العدالة لا تُبنى بالعنف والسلاح، والسلام لا يتحقق بالفوضى والإقصاء!


‏كرامة وحقوق الإنسان السوري هي الأولوية، وهي الوحيدة التي يجب أن نقيم من خلالها الحلول والمواقف والتحركات!

الأربعاء، 27 نوفمبر 2024

الحقوق بين الأبيض والملون: ‏خطاب قديم لمعاناة معاصرة!



‏ما يزال البعض يستحضر ثنائية “الأبيض والملون” في تناول القضايا الحقوقية، مُكرّسًا خطابًا يبدو وكأنه نقد للهيمنة الاستعمارية لكنه في الواقع يفتقر إلى ملامسة الواقع الحقوقي اليوم!


‏هذا الخطاب ليس فقط قديمًا، بل يبتعد عن معالجة التحديات الحالية، خاصةً تلك التي تواجهها المجتمعات الملونة نفسها..


‏صحيح أن هناك إرثًا من الهيمنة البيضاء، لكن العالم تغير، والمشاكل الحقوقية في يومنا الحاضر لم تعد محصورة في “البيض مقابل الملونين”..


‏التركيز المستمر على هذا التقسيم يعيدنا إلى زمنٍ مضى بدلًا من أن يساعدنا في مواجهة التحديات المعاصرة!


‏المجتمعات الملونة، التي يفترض أن تكون ضحية لهذا الإرث، تُظهر في واقعها مشكلات أكثر تعقيدًا تتعلق بالتمييز الداخلي، القوانين القمعية، والاضطهاد الاجتماعي الذي يطال الفئات الأكثر تهميشا..


‏أفراد الميم عين (LGBTQ+) والنساء، على سبيل المثال، يعانون من اضطهاد ممنهج في العديد من هذه المجتمعات، ليس بسبب إرث الرجل الأبيض أو الاستعمار، بل بسبب عوامل محلية بحتة!


‏القوانين التي تُجرّم المثلية، أو تُقيّد الحريات، أو تُقصي النساء، ليست “اختراعًا أبيضًا”، بل أدوات قمعية طوّرتها مجتمعاتنا الملونة..


‏تجاهل هذه الحقيقة وتحميل المسؤولية الكاملة للاستعمار أو “الهيمنة البيضاء” يعفي الفاعلين المحليين من المسؤولية، ويُضفي شرعية ضمنية على القمع الداخلي!


‏إن اختزال المعاناة الحقوقية في ثنائية الأبيض والملون لا يُنصف الضحايا الحقيقيين، في كثير من الأحيان، نجد أن المجتمعات الملونة تمارس أشكالًا معقدة من التمييز داخلها سواء العرقي أو الطبقي أو القبلي أو الديني وعدة أشكال أخرى، مما يعمّق معاناة المختلفين..


‏وعلى الرغم من ذلك، يتم التغاضي عن هذه الانتهاكات المحلية، بينما يُلقى اللوم دائمًا على الغرب أو الاستعمار القديم أو البيض..


‏من غير المنطقي أن ننتقد الدول الغربية بسبب سياساتها تجاه اللاجئين أو الأقليات، بينما نتجاهل انتهاكاتنا الداخلية التي غالبًا ما تدفع هؤلاء اللاجئين إلى الهروب من بلدانهم في المقام الأول، قوانين تُجرّم الحب والاختلاف، أنظمة تقمع الحريات الفردية، ومجتمعات تُقصي المختلفين بسبب الهوية الجندرية أو التوجه الجنسي، كلها مشاكل لا يمكن تبريرها بالحديث عن “الاستعمار الأبيض”..


‏بدلًا من أن يكون هذا الخطاب وسيلة للتحرر، أصبح أداة لتبرير الفشل، وتحميل مسؤولية الحاضر لأشباح الماضي!


‏الأكثر إثارة للسخرية هو التناقض الواضح لدى بعض الأصوات التي تهاجم الغرب وتنتقد إرثه، لكنها في الوقت نفسه تتهافت على الحصول على فرص التعليم، العمل، أو اللجوء في نفس الدول التي تُدينها..


‏هذه النظرة المتناقضة تعكس أزمة عميقة في فهم العدالة والحقوق، حيث يتم تحميل الغرب كل السلبيات مع الاستفادة من إيجابياته!


‏تحقيق العدالة لا يمكن أن يتم من خلال استبدال نظام تمييزي بآخر، أو من خلال خطاب يختزل القضايا الحقوقية في لون أو عرق، فالمشاكل الحقوقية في إفريقيا ليست هي نفسها في الشرق الأوسط أو آسيا، ولا يمكن تفسيرها جميعًا تحت مظلة “الامتياز الأبيض”


‏ما تحتاجه المجتمعات الملونة اليوم هو مواجهة ذاتها، وتحمل المسؤولية عن مشاكلها الداخلية، من الفقر والفساد إلى التمييز والقمع!


‏لا يمكن تحقيق إصلاح حقيقي ما لم ننتقد أنفسنا ونضع الفاعلين المحليين تحت المجهر بدلًا من الاستمرار في إلقاء اللوم على الآخر..


‏فقد حان الوقت لتجاوز خطاب “الأبيض والملون” الذي يستنزف القضايا الحقوقية ويعرقل أي حلول عملية!


‏نحن بحاجة إلى خطاب حقوقي شامل يعالج الأسباب الحقيقية للظلم، سواء كانت محلية أو عالمية، دون أن يسقط في فخ الشعارات القديمة أو الانتقائية..


‏المساواة الحقيقية تبدأ من الداخل، من الاعتراف بأن التغيير مسؤوليتنا أولًا..


‏تجاوزنا لثنائية اللون والعرق هو خطوة نحو عدالة حقيقية تُنصف الجميع، بغض النظر عن عرقهم أو لونهم!

الجمعة، 22 نوفمبر 2024

ترامب وفترة رئاسية جديدة: مخاوف مجتمع LGBTQ+ بين الماضي والحاضر




مع فوز دونالد ترامب بفترة رئاسية جديدة، تتزايد مخاوف أفراد مجتمع LGBTQ+ أو الميم عين في الولايات المتحدة الأمريكية بشأن تأثير هذا التحول السياسي على حياتهم اليومية. رغم غياب قرارات رسمية معلنة حتى الآن تحد من حقوقهم بشكل مباشر، إلا أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تعيد أجواء سياسية واجتماعية تثير القلق.


خلفية تاريخية تعزز المخاوف


إدارة ترامب السابقة ارتبطت بعدد من القرارات التي أثرت سلبًا على مجتمع LGBTQ+ الأمريكي، مثل حظر العابرين جندريًا من الخدمة العسكرية وقرارات أخرى قللت من الحماية القانونية ضد التمييز. ورغم أن تلك السياسات لم تشمل جميع الولايات، إلا أنها دفعت حكومات محلية محافظة لتبني مواقف مشابهة، مما أدى إلى تراجع شعور الأمان والانتماء لدى العديد من أفراد هذا المجتمع.


مخاوف متجددة من تزايد التمييز والعنف


بالنسبة لكثيرين، عودة ترامب تمثل خطرًا بإحياء بيئة سياسية واجتماعية تغذي التعصب، ما قد يؤدي إلى تزايد حالات التنمر والعنف. حتى دون تغييرات قانونية مباشرة، قد يشعر أفراد المجتمع بأن الدعم المجتمعي لحقوقهم يتراجع، مما يؤثر على الصحة النفسية والانسجام مع الذات.


تحديات أمام الصحة النفسية والرعاية الصحية


من بين القضايا الملحة، تبرز مخاوف بشأن صحة الأطفال والمراهقين من مجتمع LGBTQ+ الذين يحتاجون إلى رعاية طبية تأكيدية لهوياتهم الجندرية. عودة إدارة محافظة قد تزيد من الضغوط على الأسر والمختصين الطبيين، مما يهدد بتقليص خيارات العلاج. هذه التدخلات لا تؤثر فقط على صحة الأفراد النفسية والجسدية، لكنها تمثل أيضًا انتهاكًا لخصوصية العائلات وحقوقهم.


مخاطر على البرامج التعليمية والتوعية


من المتوقع أن تواجه البرامج التعليمية والتوعوية حول الهوية الجندرية وحقوق مجتمع LGBTQ+ تحديات أكبر، مما قد يؤثر على الأجيال الشابة ويحرمها من فرصة التعرف على أهمية التنوع وقبول الآخر.


دور الولايات والمجتمعات المحلية في المواجهة


ورغم هذه المخاوف، تبقى الولايات ذات التوجهات الليبرالية حصنًا داعمًا لحقوق مجتمع LGBTQ+. يمكن لهذه الولايات أن تستمر في تقديم الدعم عبر سياسات محلية تحمي الأفراد وتعزز من شعورهم بالأمان والانتماء.


كيف يواجه المجتمع التحديات؟


بينما تثير عودة ترامب الكثير من القلق، تبقى هناك فرصة للتكاتف بين أفراد مجتمع LGBTQ+ ومنظماتهم والحلفاء الذين يؤمنون بحقوق الإنسان للجميع. العمل على تعزيز الوعي، زيادة التعاون مع حكومات الولايات والمجتمعات المحلية، وتكثيف الجهود الإعلامية والتعليمية يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتصدي لأي محاولات لتقليص الحقوق.


الأمل والعمل المشترك


في ظل هذه المخاوف، تبقى أهمية العمل المشترك والتكاتف بين أفراد مجتمع LGBTQ+ ومنظماتهم مع الحلفاء أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. ورغم التحديات المتوقعة، فإن الإيمان بقدرة المجتمع على التصدي للأفكار المحافظة المتشددة والعمل على تعزيز بيئة تحمي حقوق الجميع يبقى الأساس لتحقيق مستقبل أكثر شمولية وعدالة. ومع كل قلق يثيره الواقع السياسي، تظل الجهود الفردية والجماعية مصدرًا للأمل والقوة لتحقيق التغيير الإيجابي.

بعد الانتخابات: تأملاتي كمهاجر حديث في الروح الأمريكية 🇺🇸🤍🇺🇸



‏عندما هاجرت إلى الولايات المتحدة العام الماضي، جئت حاملًا حلمًا بالحرية والعدالة، وأملًا في الانضمام إلى مجتمع يقوم على القيم التي طالما ألهمتني وتمنيتها في وطني الأم!


‏اعتبرت كاليفورنيا ملاذًا يعكس هذه المبادئ، حيث إن قيم المساواة وحقوق الإنسان تُحترم وتُعزز..


‏صحيح أني أميل إلى دعم الحزب الديمقراطي لما يتبناه من قيم في حقوق الإنسان، لكن مع خسارته في الانتخابات الأخيرة، ازدادت قناعتي بأن وحدة الشعب الأمريكي لا تتحدد بقيم حزبية!


‏بل بقيم أسمى مثل الحرية، والعدالة، والمساواة.. 


‏هذه القيم هي التي توحد الأمريكيين، وهي التي تجعل من الولايات المتحدة أمة قوية لا تهتز بتغير القيادة أو بتبدل الأحزاب!


‏اليوم، وفي ظل استقطاب سياسي متزايد، من المناسب أن نتذكر أن الإعلام المنحاز والخطابات الحزبية قد تحاول تقسيم الأمريكيين وتوجيه آرائهم..


‏لكنها لا يجب أن تؤثر على وحدتهم!


‏كثير من السياسيين والحزبيين يتعاملون مع السياسة كأنها حرب..


‏حيث ينظرون إلى الحزب الآخر كعدو لا كشريك في وطن واحد!


‏غير مكترثين بما يتركه ذلك من انقسامات في النسيج الوطني الأمريكي..


‏متجاهلين حقيقة أن الشعب الأمريكي هو من يحكم الولايات المتحدة الأمريكية، وليس هذا الحزب أو ذاك الذي يحظى بفترات رئاسية مؤقتة!


‏الفوز والخسارة جزء من اللعبة السياسية التي لا تعني شيئًا أمام إرادة الشعب وقيمه الجوهرية..


‏لذلك أعتبر أن التواصل مع الآخرين، حتى أولئك الذين يحملون آراءً ومواقفًا سياسية مختلفة، هو حجر الأساس للتفاهم وبناء مجتمع متماسك..


‏آمل من الأمريكيين تجاوز الخلافات السياسية سعيا لفهم بعضهم البعض، لأن القوة الحقيقية للشعب الأمريكي تكمن في وحدته، التي يجب ألا تتأثر بالصراعات الحزبية أو الأجندات الإعلامية!

‏فالتقدم الحقيقي يأتي من الإيمان بالقيم المشتركة والوحدة التي لا تهزها رياح السياسة..


‏رغم أنني لم أحصل على الجنسية الأمريكية بعد، لكني اخترت منذ وصولي أن أكون جزءًا من هذه الروح الأمريكية التي تحتضن الجميع بغض النظر عن اختلافاتهم أو انتماءاتهم!


‏أؤمن أن إرادة الشعب الأمريكي في التوحد أقوى من أي انقسام، وأن أمريكا التي اخترت أن أنتمي إليها هي تلك التي تجمعها القيم السامية، لا السياسات المتغيرة والمتقلبة..


‏لذلك آمل أن أكون جزءا من شعب واحد متنوع ومتعدد، واضع تطلعاته للحرية والعدالة والمساواة فوق كل اعتبار وأعلى من أي حزب..


‏أحببت الولايات المتحدة الأمريكية ليس لأن حاكمها من الحزب الديمقراطي، وبالتأكيد لن أكرهها لأن حاكمها أصبح جمهوري!


‏أحببتها بسبب القيم والمبادئ الجوهرية والإنسانية التي آمنت بها وقامت عليها وما زالت تعمل من خلالها سعيا لمصلحة الوطن الأمريكي وليس مصلحة ذاك الحزب أو هذا الرئيس..

‏🇺🇸🤍🇺🇸

خلاص انسى!

 


‏من أكثر التعليقات التي تصلني 


‏"خلاص إنسى"


‏ولكن كيف أنسى!؟

‏كيف أنسى عامًا كاملاً من عمري!؟

‏عامًا انتُزِع فيه كل شيء مني!؟

‏حتى إحساسي بإنسانيتي!؟


‏كيف أنسى أربعين يومًا في زنزانة انفرادية عبارة عن غرفة مرحاض أنام فيها على البلاط!؟

‏لا أعرف فيها الليل من النهار ولا أعرف متى ينتهي هذا الكابوس!؟

‏كنت وحيدًا محاطًا بالجدران التي تخنق صوتي، أصارع نفسي المليئة بمشاعر الخوف والقهر والعجز!


‏كيف أنسى لحظة خروجي من تلك الزنزانة لأجد نفسي في عنبر مليء بالمجرمين!؟

‏أجبرت على العيش معهم، والتعامل مع عالم غريب لم يكن لي مكان فيه، شعرت أني غريب حتى عن نفسي!؟


‏كيف أنسى الأغلال والسلاسل التي جُررت بها، تترك جروحًا في يدي وقدمي، وكأنها تريد أن تخبرني بأن كرامتي لم تعد لي، أني مجرد رقم في قائمة!

‏كنت أسير وأنا أشعر أن كل خطوة تسلبني جزءًا من روحي..


‏كيف أنسى محكمة لم ترَني سوى متهم، وقاضيًا تجاهل حقي، وأصدر حكمه بإدانتي بناءً على اتهامات ظالمة، دون أن ينصف حقوقي ويرد الظلم والانتهاك الواقع علي!؟


‏كيف أنسى عامًا كان كل يوم فيه أطول من العام نفسه، عامًا حفر في قلبي وجسدي وذاكرتي ألمًا لا يُنسى!؟


‏أنا لم أغادر السعودية لأتجاهل كل هذا، ولم أتركها لأنسى!


‏غادرت لأن حقي أن أعيش بكرامة، لكن واقعًا قلبي ما زال متعلقًا بوطن حلمت أن يحتضنني يومًا ما دون خوف أو ظلم..


‏غادرت لأرفع صوتي عاليًا، ولأقول إنني أستحق العودة لوطني والعيش معززًا مكرمًا، لا مطاردًا أو مدانًا أو خائفًا..


‏كيف أنسى!؟

‏لا يمكنني أن أنسى لأن النسيان هو خيانة لنفسي وللحقيقة، والحقيقة هي أنني عانيت وتألمت ظلمًا، وأريد لهذا الألم أن يكون نورًا في نفسي يضيء طريقي نحو الأمل بالتغيير،

‏لي ولكل من يعاني أو عانى مثلي!

حقوق الأطفال من LGBTQ+

 


لاحظتُ مؤخرًا تصاعد الجدل حول قرار منع تقديم أي علاجات طبية للقاصرين غير المتطابقين في هويتهم الجندرية مع جنسهم المحدد وقت الولادة،

‏للأسف كثير من التأييد لهذا القرار مبني على معلومات غير دقيقة، وهو يعكس سوء فهم عميق لهذه القضية الحساسة..


‏ما يغيب عن أذهان المؤيدين لهذا القرار هو الأثر النفسي المدمر لهذه الرسائل السلبية على الأطفال والمراهقين، التي تُشعرهم بعدم الترحيب بهم في أسرهم ومجتمعاتهم!


‏- الكثير ينكرون أو يجهلون أن هناك بالفعل أطفالًا يمرون بتجارب عدم مطابقة لهويتهم الجندرية مع جنسهم المحدد وقت الولادة، وهذا ليس خيالًا أو تأليفا..

‏هناك عدة أبحاث ودراسات توثق تجارب هؤلاء الأطفال وتظهر كيف يشعرون بهوياتهم منذ سن مبكرة، التجاهل أو الإنكار لوجود هذه الفئة هو نوع من العنف الذي يؤثر عليهم نفسياً واجتماعياً، ويساهم في تفاقم معاناتهم!


‏- حق الأطفال في الرعاية الصحية هو حق أساسي بما فيهم الأطفال من LGBTQ+ ويشمل أيضًا الحصول على علاجات واهتمام طبي حسب احتياجاتهم الجسدية والنفسية..

‏هؤلاء الأطفال لديهم حق في الرعاية التي تتيح لهم فرصة العيش بكرامة وانسجام مع ذواتهم، وتجاهل هذه الحاجة الطبية يُعد إهمالًا متعمدًا ويعرّض حياتهم وسلامتهم للخطر..


‏- عدة دراسات أظهرت أن الأطفال الترانسجندر الذين يتلقون الرعاية الطبية والدعم اللازم يظهرون معدلات أقل من الاكتئاب والانتحار مقارنة بأقرانهم الذين يُحرمون من هذه الرعاية!


‏على سبيل المثال، دراسة أجرتها The Trevor Project عام 2022 أظهرت أن الدعم الطبي والرعاية الصحية يقللان من خطر الانتحار بنسبة 40% بين هؤلاء الأطفال المختلفين جندريا..


‏رفض تقديم العلاجات والرعاية الطبية يؤذي الصحة النفسية لهؤلاء الأطفال ويعرضهم لمشاكل نفسية عميقة قد تستمر طوال حياتهم..


‏- هذا النوع من العلاجات لا يُقدّم عشوائيًا أو بناءً على رغبة مؤقتة، بل يتم عبر تشخيص طبي صارم يتضمن فريقًا من المتخصصين في الصحة النفسية وطب الأطفال وطب الغدد الصماء، الذين يعملون على تقييم شامل لحالة الطفل وأسرته..

‏وما تزال عمليات المراقبة والتشخيص في هذا المجال تتقدم وتتحسن طالما أن هناك حرية طبية على أسس منهجية،

‏تقييد صلاحية الأطباء ومنعهم من تقديم هذه العلاجات هو تدخل غير مبرر في صلاحياتهم ويحد من دورهم في تقديم الرعاية الصحية بناءً على أسس علمية..


‏- الأطفال غير المتطابقين في هويتهم الجندرية مع جنسهم المحدد وقت الولادة، لا يحتاجون إلى مزيد من القيود أو الإنكار، بل يحتاجون إلى بيئة عائلية واجتماعية آمنة قادرة على التعاطف والدعم وتوفير الرعاية الصحية المناسبة!


‏إنكار وجودهم وتجاهل حقوقهم وحاجاتهم يُعرض حياتهم للخطر ويُعمق معاناتهم ويحرمهم من العيش بعدالة وكرامة ونمو جنساني يتناسب مع طبيعتهم وتفردهم..


‏علينا جميعا رفض التدخلات السياسية أو الثقافية أو الدينية على حساب حقوق الأفراد لا سيما الأطفال من LGBTQ+

‏وتعزيز التثقيف بقضاياهم فالقضية هنا ليست حول رأي أو انحياز لأحزاب سياسية أو ثقافة اجتماعية ودينية أو أحكام مسبقة، بل تتعلق بحقوق الإنسان وصحة الطفل ورفاهيته..

‏استخدام قوانين تحد من خيارات الرعاية الصحية للأطفال ليس إلا محاولة لفرض سيطرة سياسية أو ثقافية أو دينية على حياة وأجساد الأطفال وحقوقهم!

فوز ترامب لا يعني رفض حقوق LGBTQ+ 🏳️‍⚧️🏳️‍🌈 ‏مقارنة بين الولايات المتحدة والسعودية 🇺🇸🇸🇦

 ‏لفتني أحد المختصين على قناة العربية يقول إن فوز ترامب يؤكد سقوط قيم اليسار، وإن المجتمع الأمريكي أصبح رافضًا للتغيير الثقافي الذي يدعم حقوق LGBTQ+ 


‏مرددًا مغالطات تصب في هذا الاتجاه، مثل “احترام القيم والمجتمع والأسرة”، موحيًا بشكل مضحك أن المجتمعين الأمريكي والسعودي لديهما نفس المواقف تجاه حقوق الإنسان وقضايا LGBTQ+


‏هذا قد يكون مقبولًا من أشخاص غير مطلعين أو بمستوى وعي متدنٍ، لكن أن يصدر عن مختص حاصل على الدكتوراه وعلى قناة مثل العربية، المحسوبة على مواجهة الصحوة والتطرف، فهو أمر مثير للسخرية!


‏مع ذلك يبدو أن هناك توجهًا قد يشتد خلال الفترة القادمة يسعى لاستغلال فوز ترامب كذريعة لتبرير الانتهاكات، سواء كان ذلك عن جهل أو عن كذب وخبث، وخاصة في المجتمعات التي تجرم حقوق LGBTQ+ مثل السعودية!


‏حيث بدأ الترويج لفكرة أن العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، يتراجع عن دعم حقوق مجتمع LGBTQ+، وأن هذه الحقوق ليست سوى “قيم يسارية متطرفة”، لكن هذا الادعاء مليء بالمغالطات إذا قارناه بالواقع الحقوقي والسياسي!


‏في الديمقراطية الأمريكية، الانتخابات تعكس أولويات متعددة ومتنوعة، مثل الاقتصاد والأمن والرعاية الصحية وغيرها، وليس قضية واحدة فقط، الاحصائيات تشير إلى أن السبب الأول لاختيار ترامب من قبل الناخبين في الولايات المتأرجحة، والتي حسمت فوزه، كان الاقتصاد (بحسب 35% من الناخبين) بفارق كبير عن السبب الثاني، وهو أمن الحدود وقضايا الهجرة (20%)!


‏كما أن هناك تقدم مستمر في العديد من الولايات والمدن الأمريكية في دعم حقوق LGBTQ+، حتى خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، وليس آخرها تزايد نسبة الدعم الاجتماعي حسب استطلاع “غالوب” لعام 2022، حيث أيد 71% من الأمريكيين زواج المثليين..


‏بالإضافة إلى التشريعات الحقوقية كما كان في عام 2021، حين أقر الكونغرس قانون “المساواة” لتعزيز الحماية القانونية للأفراد من مجتمع LGBTQ+ في مجالات مثل التوظيف والإسكان والتعليم..


‏كما أن محاولة تصوير أن العالم يتراجع عن دعم حقوق LGBTQ+ هي مجرد تضليل فاضح!


‏بحلول عام 2023، اعترفت 30 دولة حول العالم بزواج المثليين قانونيًا، بما في ذلك دول ذات مجتمعات محافظة نسبيا مثل أستراليا وتايوان وألمانيا، ناهيك عن زيادة عدد الدول التي ألغت تجريم المثلية..

‏في الهند مثلًا ألغت المحكمة العليا القانون الذي يجرّم العلاقات المثلية في خطوة كبيرة نحو تعزيز حقوق مجتمع LGBTQ+ في دولة خارج العالم الغربي!


‏التقدم قد يكون بطيئًا، لكنه يتجه بلا شك نحو توسيع نطاق الحريات وحماية الحقوق الإنسانية وليس العكس..


‏ومن المثير للسخرية محاولة تصوير أن فوز ترامب يعني أن المجتمع السعودي والمجتمع الأمريكي يقفان على نفس الأرضية فيما يتعلق بحقوق LGBTQ+ 🏳️‍🌈🏳️‍⚧️


‏في الولايات المتحدة الأمريكية يتمتع أفراد مجتمع LGBTQ+ بحريات وحقوق حماية أساسية، ولا يتعرضون للسجن أو الاضطهاد بسبب ميولهم الجنسية أو هوياتهم الجندرية، ناهيك عن أن النقاشات حول القضايا الحقوقية تتم بحرية واسعة دون تجريم وتؤدي غالبًا إلى تقدم ملموس!


‏بينما في السعودية المثلية والعبور الجندري عبارة عن جرائم يعاقب عليها بالسجن والغرامات، والإعدام ما يزال نظريا عقوبة قانونية على ما يسمونه اللواط أو الشذوذ الجنسي!

‏كما تُستخدم القوانين كأداة لقمع الأفراد وانتهاك حقوقهم، ويتم تعزيز ذلك بخطاب حكومي وديني يغذي الكراهية والتمييز، مع غياب تام لأي  تشريعات تحمي مجتمع LGBTQ+ من التمييز أو العنف، بل يتم تصويرهم كتهديد ديني واجتماعي وثقافي، ولا مساحة لأي أصوات تتحدث عن معاناتهم أو السعي في حقوقهم فهي جريمة واعتراض على القيم الدينية والاجتماعية وكذلك إثارة وتأليب للرأي العام!


‏الفرق هنا بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية ليس فقط في قضايا LGBTQ+ وآلية وطبيعة التشريعات، بل في الوعي العام بحقوق الإنسان وقيمتها الاجتماعية والثقافية، وعلى رأسها الحق في حرية التعبير!


‏فوز ترامب لا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية تتراجع عن حقوق LGBTQ+ 🏳️‍⚧️🏳️‍🌈

‏بل يعكس تعقيد المشهد الديمقراطي فيها وتعدد الأولويات في المجتمع الأمريكي..


‏من يقارن بين السعودية والولايات المتحدة مع كل هذه المغالطات يُظهر بوضوح أنه يبرر للسعودية استخدام هذه الذرائع للتغطية على الانتهاكات الصارخة لهذه الفئة المهمشة اجتماعيًا وقانونيا، مع تجاهل أن حقوق الإنسان ليست مجالًا للمساومة أو التحزبات السياسية!


‏العالم يتقدم نحو دعم مجتمع LGBTQ+ وقضاياهم والتغيير الحقيقي يبدأ عندما تصبح هذه الحقوق قوانين محمية كجزء لا يتجزأ من الكرامة الإنسانية في كل المجتمعات، وفي كل دول العالم!




الجنون الحاصل من قبل المسلمين غير السعوديين عن موسم الرياض وفعاليات الترفيه!

‏لطالما استُخدمت الشعارات الدينية لتسييس النقاش حول السعودية، لكن يجب التمييز بين الدين كإيمان شخصي يُحترم وبين استغلال المقدسات كأداة للهجوم على السعودية أو لتقييد حريات السعوديين..


‏- السعودية كدولة ليست مسجدًا للمسلمين، بل وطن لملايين المواطنين الذين يملكون الحق في العيش بحياة طبيعية تشمل الفنون والترفيه، كما يحدث في أي بلد صحي آخر!

‏الحرمين الشريفين جزء من أراضي هذه الدولة الواسعة، واختزال السعودية في الحرمين فقط يُلغي تنوعها الثقافي والإنساني..


‏- الترفيه ليس تناقضًا مع الدين أو الأخلاق، بل هو مساحة للتنفس ومشاركة الفرح والبهجة، ربط الفنون بالأزمات العالمية حتى الإنسانية منها ظلم غير منطقي!

‏فمن يهاجمون موسم الرياض بحجة غـ زة، يتناسون أن معاناة غـ زة مستمرة منذ عقود ولا يوقفها تعليق الفرح في الرياض أو غيرها ولا يلغي مسارات الدعم الإنساني التي تقدمه السعودية أو السعوديين بأشكاله الأخرى..


‏- الانتقادات الموجهة لمجسمات أو حفلات يجب أن تُناقش بموضوعية وبدون تهويل أو استغلال للرموز الدينية، هل يُعقل أن هناك من يصدق فعلًا أن المجسم المربع كان المقصود فيه هو الكعبة 🤦🏻‍♂️


‏السعودية التي كانت تُتهم بالتطرف سابقًا أصبحت الآن تُنتقد بسبب الانفتاح وبشكل غير منطقي يدعو للسخرية، هذا يُظهر ازدواجية صارخة في المواقف، حيث يبدو أن البعض يعارض فقط لأجل المعارضة 🤷🏻‍♂️


‏- اختزال القضية الفلسطيـ نية أو معاناة غـ زة في الهجوم على السعودية هو تشتيت للجهود وحرف إنسانية القضية عن جوهرها، من أراد الدفاع عن غـ زة فليوجه طاقته لدعم الفلسطينيـ ين فعلًا بدلًا من استغلال أي حدث وتسييسه للتصعيد ضد السعودية تحديدا أو حتى غيرها لكن بحدة أقل! 


‏- بالنهاية لا أحد يملك الحق في فرض وصاية دينية أو رقابة أخلاقية على الشعب السعودي!

‏السعودية هي وطن لمواطنيها وهم فقط من يحددون كيف يعيشون حياتهم، صحيح الحرمين ملكٌ للمسلمين "رمزيًا"، لكنهما واقعا يقعان جغرافيًا ضمن دولة ذات سيادة اسمها المملكة العربية السعودية ويجب احترام هذه السيادة..





لماذا يجب الحذر من المعارضة السعودية في الخارج التي تقدم نفسها تحت شعارات الحرية وحقوق الإنسان!؟

‏في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن الحريات وحقوق الإنسان كمبادئ عالمية لا تتجزأ، نجد أن الأصوات المعارضة السعودية في الخارج، التي تدعي الدفاع عن هذه الحقوق والحريات وتنشئ الأحزاب والمنظمات باسمها، تعكس توجهًا دينيًا متشددًا يرفض الحريات الفردية ويستغل قضايا إنسانية لتمرير أجندات سياسية ضيقة، غالبًا ذات طابع إسلامي متطرف!


‏هذه الأصوات لا تدافع عن المواطن السعودي وحرياته، بل تسعى لتقييد هذه الحريات عبر خطاب ديني صارم يرفض أي مظهر من مظاهر الانفتاح أو التقدم، بدلًا من المطالبة بالمساواة وحقوق الإنسان، نجدها تنعت الحفلات الترفيهية بأنها “فجور” وتهاجم أي محاولة لخلق مساحة للحريات الشخصية بعيدًا عن الدين!


‏إن هذا الموقف لا يعبر عن رغبة في تحسين حياة المواطنين، بل يعكس رؤية ضيقة تريد استبدال قيود حالية بقيود أشد تعسفًا تحت مسمى الدين!


‏كذلك تسيس القضايا الداخلية باستخدام قضايا خارجية بدلًا من التركيز على تحسين أوضاع الحريات وحقوق الإنسان داخل السعودية، على سبيل المثال تستهلك هذه المعارضة جهودها في الدفاع عن قضايا سياسية خارجية، كالقضية الفلسطينية، باتجاه سياسي واحد غير قابل للتفاوض!


‏هذا التوجه الانتقائي يربط حقوق الإنسان بمواقف سياسية معينة، متجاهلًا أن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتسييس..


‏كما أن استخدام قضية كالقضية الفلسطينية (التي تستحق تضامنًا عالميًا بحد ذاتها) كوسيلة لمهاجمة الحريات داخل السعودية، هو دليل على غياب الأولوية لتحسين حياة السعوديين أنفسهم!


‏إن هذه الأصوات لا تسعى لإرساء مبادئ حقوق الإنسان، بل تسعى لتوظيفها كوسيلة لتحقيق مشروع سياسي، هدفه النهائي السيطرة على الحكم في السعودية..


‏نجد في خطابها رفضًا تامًا لأي انفتاح مجتمعي، واستغلالًا للمبادئ الحقوقية لتوجيه النقد الديني والسياسي دون أي التزام حقيقي بالمساواة أو الحرية!


‏إذا أُتيحت لهذه المعارضة فرصة الوصول إلى الحكم، فإنها ستكون أول من ينتهك الحريات الفردية، لتفرض نظامًا أكثر قمعًا باسم الدين وبلاد الحرمين..


‏ناهيك عن ازدواجية الأخلاق الحقوقية في الوقت الذي تُنادي فيه هذه الأصوات بمحاربة “الفجور” في الحفلات، تتجاهل تمامًا التناقض بين القيود الدينية المفروضة على السعوديين، والانفتاح الذي يُقدم كصورة أمام العالم الغربي!


‏بدلًا من مواجهة التناقضات بين الداخل والخارج، تُصر هذه المعارضة على تكريس الخطاب الديني المحافظ أو المتطرف، الذي يرفض حتى فكرة الحريات الشخصية..


‏لا يمكن لجهة ترفض الحريات الفردية وتدافع عن خطاب ديني متشدد أن تدعي تمثيل حقوق الإنسان!


‏ هذه الأصوات تستغل القضايا الحقوقية لتحقيق أهداف سياسية، متجاهلة أن الحقوق تبدأ من الداخل مثل:


‏حرية المرأة، وحق أفراد مجتمع LGBTQ+، وحق الحرية في الاعتقاد الديني أو غيره، وحق كل فرد في التعبير عن نفسه دون قيد أو خوف..


‏لذلك على الحكومات الغربية والمنظمات الدولية أن تتعامل بحذر مع هذه الجهات ومنظماتهم وأحزابهم وتحالفاتهم التي تخلط الدين بالسياسة، وتستخدم الحقوق كأداة لتحقيق مشروع سلطوي لا علاقة له بالحرية أو المساواة..


‏حقوق الإنسان يجب أن لا تُستغل حسب الأجندات، ولا تُسيس لتحقيق مكاسب تناسب مفهوم ديني محدد!


‏بل هي التزام دائم بتحسين حياة جميع الأفراد دون تمييز..


‏ ما أريده للسعودية هو تقدم حقوق الإنسان والحريات الفردية بشكل شامل ومستمر، بعيدًا عن الأجندات السياسية الإسلامية المتطرفة أو المصالح الضيقة!

ازدواجية المعايير في السعودية

 عندما تتحدث السعودية عن احترام حقوق الإنسان وتستعرض وجهها المتسامح أمام العالم، فإنها تفعل ذلك بكل تزييف لا تعكس واقعنا كمواطنين!


‏هذه الازدواجية في المعايير، التي تجمع بين خطاب خارجي منفتح وممارسات داخلية متشددة، ليست مجرد تناقض عابر، بل هي تجربة شخصية مرّة عشتها وأجبرتني على ترك وطني!


‏كيف يمكن لدولة تستضيف أحداثًا ترفيهية عالمية، وتسمح لشخصيات مثل جينيفر لوبيز بالظهور بملابس لا يمكن لأي امرأة سعودية ارتداؤها دون مواجهة العقاب، أن تدعي احترامها للحريات!؟


‏كيف تُرحب المملكة بمصمم أزياء مثلي الجنس مثل لورانس روش وتحتفي به، بينما يعاقب المواطن السعودي المثلي أو الكويري لمجرد اختلاف مظهره أو ميوله!؟


‏هذا التناقض الصارخ ليس مجرد صورة إعلامية!


‏بل هو واقع تفرضه الأنظمة على المواطنين، حيث تُقيد الحريات الشخصية، وتُستغل قوانين مثل “الذوق العام” و”الضوابط الشرعية” كأدوات للقمع والعقاب!


‏كنت واحدًا من هؤلاء المواطنين الضحايا، واجهت السجن لمدة عام بسبب دفاعي عن حقوق الإنسان، لا سيما حقوق مجتمع +LGBTQ، وهو ما اضطرني إلى الهجرة بحثًا عن حياة كريمة وحرية للتعبير!


‏إعلان السعودية ترحيبها بأفراد مجتمع LGBTQ خلال استضافة كأس العالم 2034 هو انعكاس آخر لهذه السياسة المزدوجة،

‏كيف يمكن لدولة تُجرّم مجتمع الميم عين داخليًا وتعاقبهم أن تدعو الغرب لزيارتها وتزعم التسامح؟ هذه الرسائل المتناقضة تُظهر وجهين: وجه ليبرالي للغرب ووجه متشدد يُفرض على المواطنين!


‏إن حرية التعبير، وحقوق الإنسان، والكرامة هي أساس جودة الحياة الحقيقية، لكن في السعودية تُمنح هذه “الجودة” للأجانب فقط من أمثال كريستيانو رونالدو وعشيقته جورجينا ومشاهير مثل جينيفر لوبيز ولورانس روش وغيرهم..


‏بينما يُترك المواطنون أمثالي يعانون من الاضطهاد والقيود!


‏هذه السياسات المتناقضة والازدواجية لا تعكس فقط أزمة في احترام الحريات والحقوق، بل تُشكل خطرًا على مستقبل أجيال كاملة تُحرم من حقها في العيش بحرية داخل وطنها..


‏لقد غادرت السعودية صحيح لكن لا يمكنني أن أصمت!

‏غادرتها رغم حبي لها من القهر الذي تعرضت له وحرماني من حقوقي وحريتي لا سيما حرية التعبير عن نفسي..

‏سأستمر في رفع صوتي كمواطن سعودي يدعو إلى القيم الإنسانية عالميًا، لأن هذه الأصوات هي الأمل الوحيد لتغيير هذا الواقع السعودي المتناقض!